العنف الجنسي في حالات النزاع
العنف القائم على النوع الاجتماعي
                                    أسفرت سبعة أعوام من النزاع السوري عن أزمة لحقوق الإنسان وأزمة إنسانية هائلة النطاق، حيث يُعاني السكان المدنيون تهديدات يومية تمسّ حياتهم، وكرامتهم، وسلامتهم. كما أدّى النزاع إلى عملية نزوح داخلي هائلة، وأزمة لجوء غير مسبوقة؛ مع فرار الملايين من سوريا ويُعدّ العنف الجنسي المتعلق بالنزاع من بين انتهاكات حقوق الإنسان العديدة التي اتّسم بها النزاع المسلح في سوريا.

على مر التاريخ، يُرتكب العنف الجنسي على نطاق واسع أثناء النزاعات المسلحة ويُنظر إليه غالبًا كنتيجة حتمية للحرب. لا يزال العنف الجنسي مستمرًا كظاهرة مدمرة لها عواقب وخيمة ليس فقط على الضحايا، من نساء ورجال وفتيان وفتيات وأسرهم ولكن على مجتمعات بأسرها. علاوة على ذلك، لا يزال هناك قصور كبير على مستوى الإبلاغ عن وقوع هذه الانتهاكات والتقليل من شأن مدى انتشارها والآثار الناتجة عنها، وتبقى الاستجابة الإنسانية للاحتياجات المتنوعة للضحايا غير كافية.(3)
إن أعمال الاغتصاب والعنف الجنسي المرتكبة أثناء النزاعات هي أسلوب تكتيكي من أساليب الإرهاب والحرب يستخدم كوسيلة استراتيجية للإهانة والإذلال والتدمير، بل ويكون غالبا جزءا من حملة للتطهير العرقي. ولذلك لا ينبغي أبدا أن ينظر إليها باعتبارها من الآثار الثانوية الحتمية للحروب. بل إن العنف الجنسي خطر يهدد حق كل إنسان في حياة ينعم فيها بالكرامة، كما يهدد السلام والأمن الجماعي للبشرية جمعاء (1)
في 19 حزيران/يونيه، أعلنت الجمعية العامة في قراراها 293/69 يوم 19 حزيران/يونيه من كل عام بوصفه اليوم الدولي للقضاء على العنف الجنسي في حالات النزاع، لزيادة الوعي بالحاجة إلى وضع حد للعنف الجنسي المتصل بحالات النزاع، ولتكريم الضحايا والناجين من ممارسات العنف الجنسي في كل أنحاء العالم، وللإشادة بجميع من وقفوا أنفسهم أو قضوا نحوبهم بشجاعة في سبيل القضاء على هذه الجرائم
في اليوم الدولي للقضاء على العنف الجنسي في حالات النزاع، هناك سعي حيث لتعزيز التضامن مع الناجيات اللتواتي يعانين من وصمات العار المتقاطعة والمتعددة في أعقاب العنف الجنسي، بما في ذلك وصمة العار لارتباطهن بجماعة مسلحة أو إرهابية، أو الحمل بسبب ممارسات الاغتصاب (2).

ما هو العنف الجنسي؟
يستخدم مصطلح "العنف الجنسي" لوصف أعمال ذات طابع جنسي؛ فرضت بالقوة أو الإكراه، كأن ينشأ عن خوف الشخص المعني أو شخص آخر من التعرض لأعمال عنف أو إكراه أو احتجاز أو إيذاء نفسي أو إساءة استخدام السلطة ضد أي ضحية، رجلًا كان أو امرأة أو بنتًا أو صبيًّا، أو باستغلال بيئة قسرية، أو عجز الشخص أو الأشخاص عن التعبير حقيقة عن الرضا هو أيضًا شكل من أشكال الإكراه. ويشمل العنف الجنسي: الاغتصاب، أو الاستعباد الجنسي، أو الإكراه على البغاء، أو الحمل القسري أو التعقيم القسري، أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي على مثل هذه الدرجة من الخطورة.
ويمكن استخدام العنف الجنسي كشكل من أشكال الانتقام لبث الخوف أو كشكل من أشكال التعذيب، ويمكن أيضًا أن يستخدم بصورة منهجية كوسيلة من وسائل الحرب الغرض منها تدمير النسيج الاجتماعي ويمكن أن تتسبب أعمال العنف الجنسي بصدمات خطيرة جسدية ونفسية، والإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة الإيدز، وتؤدي إلى الموت أحيانًا. إضافة إلى ذلك، غالبًا ما يتعرض الضحايا لإيذاء مزدوج: الإصابة بجراح وصدمات يُحتمل أن تكون خطيرة وتدوم طويلًا، وأيضًا مواجهة الوصم بالعار والنبذ من جانب عائلاتهم ومجتمعاتهم المحلية.
 
ما هي احتياجات ضحايا العنف الجنسي؟
ينبغي قبل كل شيء معاملة ضحايا العنف الجنسي معاملة إنسانية واحترام خصوصياتهم بشكل كامل والتعامل بسرية كاملة عند الاستجابة لاحتياجاتهم. ويعد ضمان أمن الضحايا والحيلولة دون استمرار تعرضهم للاعتداء من الأمور المهمة للغاية..
ويعد العنف الجنسي حالة من حالات الطوارئ الطبية، إذ قد يعرض ضحاياه إلى عواقب صحية ونفسية خطيرة. ومن الأهمية بمكان أن يحصل هؤلاء على الرعاية الطبية في الوقت المناسب خلال 72 ساعة وبدون أية عوائق للحد من خطر الأمراض والعدوى المنقولة جنسيًا وفيروس نقص المناعة البشرية فضلاً عن تأمين الحصول على الوسائل العاجلة لمنع الحمل وفقًا للقانون المحلي
من الأهمية بمكان أن يحصل الضحايا على الرعاية الصحية الشاملة، بما في ذلك الدعم النفسي والاجتماعي لا سيما في المرحلة الحادة من الأزمة وكذلك على المدى البعيد.
ويواجه الضحايا في حالات كثيرة مصاعب جمة للاندماج في المجتمع من جديد. ومن المهم الاهتمام بالتوعية لتلافي تعريض الضحايا وأولادهم إلى الوصم والنبذ والاستبعاد، وثمة حاجة إلى دعم وتوجيه شركاء هؤلاء الضحايا في الحياة وأولادهم وأفراد الأسرة الآخرين وتزويدهم بما يلزم من التوجيه والرعاية وكثيرًا ما يحتاج النازحون أو من فقدوا سبل كسب العيش بسبب العنف الجنسي إلى المأوى والدعم الاقتصادي لإعادة بناء حياتهم (3).

وتجدر الإشارة إلى أن العمل على منع العنف الجنسي والتعامل مع آثاره مهمة شاقة وواسعة النطاق تستلزم التصدي للسلوكيات الراسخة في صميم المجتمعات، فضلاً عن توفير المساعدة الطبية والدعم النفسي والمشورة القانونية للضحايا.
وعندما تتعرض المرأة (أو الرجل) للاغتصاب، فإن الانتصاف القانوني قد لا يكون أول شيء تشعر أنها تحتاج إليه، ولكن العديد من الضحايا يرغبن بشدة في أن لا يفلت المعتدون من العقاب. كما أن إنهاء الإفلات من العقاب يلعب دوراً في الوقاية من هذا النوع من العنف في المستقبل. فالأدوات القانونية موجودة، وقد استكشف اجتماع لندن كيفية استخدامها، وكيف يمكن للمحاكم أن تتطور وتوسع نطاق عملها، بمجرد وجود الأدوات القانونية الملائمة (5).
لكن مازالت هناك عوائق رئيسية تمنع ضحايا هذه الجرائم من اللجوء إلى القانون. فمعظم النساء لا يبلّغن عن هذه الحوادث خوفا من الانتقام منهن. ثم إنه ليس هناك مايشجعهن على تتقديم الابلاغ لعدم وجود تعويض لجرائم العنف الجنسي. وترفض بعض مراكز الشرطة تسجيل شكاوى العنف الجنسي أو التحري فيها في بعض الحالات. وحتى عندما تسجل هذه البلاغات، فإن بعض ضباط الشرطة لا يسعون بجدٍ في التحري فيها وتشكل المعاملةُ التي تنتهجها السلطات أحيانا نحو ضحايا العنف الجنسي والتي تتسم باللامبالاة ومحاولة تخويفهم العائقَ الرئيسي أمام محاسبة المتهمين بالعنف الجنسي. وقد أدى العجز عن الالتزام بالإجراء المتعلق بجمع البينات الطبية من ضحايا جرائم العنف الجنسي إلى إنكار حق الضحايا في الاحتفاظ بسرية الأمر(4) بالاضافة لما قد يواجهونه من الوصمة والعار في مجتمعاتهم في حال الشكوى  

يعد الاغتصاب وأشكال العنف الجنسي الأخرى المرتكبة أثناء النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية انتهاكات بموجب القانون الدولي الإنساني. وينبغي على جميع أطراف النزاع المسلح التقيد بحظر العنف الجنسي، وتلتزم جميع الدول بملاحقة مرتكبيه.
يحظر الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي بموجب قانون المعاهدات (اتفاقية جنيف الرابعة، وكذلك البروتوكول الإضافي الأول والبروتوكول الإضافي الثاني) والقانون العرفي المعمول به في كل من النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية
وتذكر اللجنة الدولية أطراف النزاع المسلح بأن جميع أشكال العنف الجنسي محظورة بموجب القانون الدولي الإنساني وتحثها على إدراج هذا الحظر في تشريعاتها الوطنية وقوانينها العسكرية وفي أدلة تدريب حملة السلاح. وهي تعد دورات إعلامية حول حظر العنف الجنسي لصالح حملة السلاح في جميع أنحاء العالم وتطوع دورتها بحسب أنماط الانتهاكات التي وقفت شاهدة عليها في سياقات عملها المختلفة.
إن الاغتصاب وأشكال العنف الجنسي الأخرى التي ترقى إلى انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني تستتبع المسؤولية الجنائية الفردية ويجب محاكمة مرتكبيها. وتبقى كل الدول ملزمة بتجريم هذه الانتهاكات بموجب القانون الوطني وبالتحقيق بشكل فعال في أي حالة عنف جنسي وتقديم مرتكبيها للمحاكمة (3)


المصادر:
1.	https://unsmil.unmissions.org/message-international-day-elimination-sexual-violence-conflict
2.	https://www.un.org/en/events/elimination-of-sexual-violence-in-conflict/
3.	https://www.icrc.org/en/document/sexual-violence-armed-conflict-questions-and-answers
4.	https://www.ohchr.org/Documents/Countries/darfur29july05_ar.pdf
5.	https://www.thenewhumanitarian.org/ar/thlyl/2015/01/30/lnf-ljnsy-fy-lnzt-m-fy-d-lqnwn
                                
2019-06-20 22:18:05