العدالة الاجتماعية
2020-06-25 20:51:42
العدالة الاجتماعية من وجهة نظر الأمم المتحدة: (1)
العدالة الاجتماعية هي مبدأ أساسي من مبادئ التعايش السلمي داخل الأمم وفيما بينها الذي يتحقق في ظله الازدهار, ومن ثم فعندما نعمل على تحقيق المساواة بين الجنسين أو تعزيز حقوق الشعوب الأصلية والمهاجرين يكون ذلك إعلاء منا لمبادئ العدالة الاجتماعية. وعندما نزيل الحواجز التي تواجهها الشعوب بسبب نوع الجنس أو السن أو العرق أو الانتماء الاثني , أو الدين أو الثقافة أو العجز نكون قد قطعنا شوطا بعيدا في النهوض بالعدالة الاجتماعية.
وبالنسبة للأمم المتحدة, يشكل السعي إلى كفالة العدالة الاجتماعية للجميع جوهر رسالتنا العالمية ألا وهي تحقيق التنمية وصون كرامة الإنسان. وما اعتماد منظمة العمل الدولية في العام الماضي للإعلان الخاص بالوصول إلى العولمة المنصفة من خلال العدالة الاجتماعية إلا مثال واحد على التزام منظومة الأمم المتحدة بالعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية. فالإعلان يركز على ضمان حصول الجميع على حصة عادلة من ثمار العولمة مما يتأتى بتوفير فرص العمل والحماية الاجتماعية ومن خلال الحوار الاجتماعي وإعمال المبادئ والحقوق الأساسية.
العدالة الاجتماعية وجهود منظمة العمل الدولية :
اعتمدت منظمة العمل الدولية بالإجماع إعلان منظمة العمل الدولية بشأن العدالة الاجتماعية من أجل عولمة عادلة في 10 حزيران/ يونيو 2008 .وهذا هو بيان المبادئ والسياسات الرئيسي الثالث الذي اعتمده مؤتمر العمل الدولي منذ صدور دستور منظمة العمل الدولية لعام 1919 .و يبنى هذا البيان على إعلان فيلادلفيا لعام 1944 والإعلان المتعلق بالمبادئ والحقوق الأساسية في العمل لعام 1998. و يعرب إعلان 2008 عن رؤية معاصرة لولاية منظمة العمل الدولية في حقبة العولمة.
إن هذا الإعلان التاريخي إعادة تأكيد قوية لقيم منظمة العمل الدولية , و قد نتج عن المشاورات الثلاثية التي بدأت في أعقاب تقرير اللجنة العالمية المعنية بالبعد الاجتماعي للعولمة. وباعتماد هذا النص , يشدد ممثلو الحكومات وأرباب العمل ومنظمات العمال من 182 دولة من الدول الأعضاء على الدور الرئيسي لمنظمتنا الثلاثية في المساعدة على تحقيق التقدم والعدالة الاجتماعية في سياق العولمة .
و يلتزمون سويا بتعزيز قدرة منظمة العمل الدولية على تحقيق هذه الأهداف, من خلال برنامج العمل اللائق ويضفي هذا الإعلان الطابع المؤسسي على مفهوم العمل اللائق الذي وضعته منظمة العمل الدولية منذ عام 1999 ,وبذلك يضعه في صلب سياسات المنظمة لتحقيق أهدافها الدستورية.
ويصدر هذا الإعلان في لحظة سياسية حاسمة, و يعكس توافق الآراء الواسع النطاق بشأن الحاجة الى بُعد اجتماعي قوي للعولمة في تحقيق نتائج أفضل وعادلة للجميع. ويشكل بوصلة للنهوض بعولمة عادلة تقوم على أساس العمل اللائق, وكذلك أداة عملية لتسريع التقدم في تنفيذ برنامج العمل اللائق على المستوى القطري. كما يعكس نظرة إنتاجية من خلال تسليط الضوء على أهمية المنشآت المستدامة في خلق المزيد من فرص العمالة والدخل للجميع.
في 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2007 ,أعلنت الجمعية العامة أنه اعتبارا من الدورة الثالثة والستين للجمعية العامة, تقرر إعلان الاحتفال سنويا بيوم 20 شباط/فبراير بوصفه اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية, اعتبارا من الدورة الثالثة والستين للجمعية العامة.
التعريف اللغوي لمفهوم العدالة الاجتماعية : (2)
فإن مفهوم العدالة من المفاهيم ولغويا التي تحمل دلالات متعددة في اللغة العربية. فعلى العكس ً من لغات الحضارة الغربية التي تعرف المفهوم في لفظ العدالة فقط, تعرف اللغة العربية المفهوم في مجموعة من المترادفات, فإلى جانب العدل والعدالة هناك الإنصاف و النصف والقسط والقسطاس والوسط والقوام وهى مفاهيم تشير الى معنى العدالة في دلالات متعددة:
القسط: هو العدل البِّين الظاهر, ومنه سمي المكيال قسطاً, والميزان قسطاً ؛ لأنه يصور لك العدل في الوزن حتى تراه ظاهراً, وقد يكون من العدل ما يخفى, ولهذا قلنا: إن القسط هو النصيب الذي بينت وجوهه أصل كلمة Justice لاتيني, فهي مشتقة من كلمة
Justitia وتعنى خاصية أن تكون عادلاً وفى المعنى اللغوي لمفهوم العدالة أو العدل يمكن الإشارة الى مجموعة من المعاني. المعنى الأول, العدل بمعنى الإنصاف في الحكم وعدم الظلم أو الجور فيه، فيقال عدل عليه في القضية فهو عادل والعادل هو واضع كل شيء موضعه وورد أيضاً أن العدل هي قيمة مقابلة للظلم. ويتمثل المعنى الثاني للعدل بمعنى المساواة واالستقامة والتوازن . وتعريف العدالة الاجتماعية لغوياً هو بالتأكيد نقيض الظلم الاجتماعي, والذى يتجسد في عدة صور منها الاستبداد والاستعباد والقهر الاجتماعي
دلالات مفهوم العدالة الاجتماعية:
يُثير مفهوم العدالة الاجتماعية عدة دلالات وقضايا تختلف باختلاف المُفكرين والكتاب وانتماءاتهم ومعتقداتهم السياسية
1- المساواة وعدم التمييز وتكافؤ الفرص:
يهتم مفهوم العدالة الاجتماعية بمسألة تحقيق المساواة في المجتمع, وتقليل الى أقصى حد ممكن الظلم والاستغلال الاجتماعيين, وفى هذا الإطار ينبغي الإشارة الى نظرية جون رولز حول تطبيق العدالة الاجتماعية حيث قدم رولز طرحا لأنواع المساواة التي تحقق داخل الدولة وهما المساواة الاقتصادية والاجتماعية وقال أنه يجب أن يتم تنظيمها وتنسيقها على نحو يجعلها تقدم للأفراد الأقل حظا في المجتمع أكبر نفع ممكن من جهة, ويجعلها تتيح في الوقت نفسه إمكانية للالتحاق بالوظائف والمواقع المختلفة أمام جميع الأفراد في إطار من المساواة المنصفة في الفرص من جهة أخرى
2- الضمان الاجتماعي: يُعد الضمان الاجتماعية من أبرز السمات التي تتميز بها معظم نظم الحكم الموجودة في عالم اليوم, ويُعتبر هو أحد الأركان الأساسية للعدالة الاجتماعية, ويشمل الضمان الاجتماعية الحق في الحصول على استحقاقات أو ضمانات مادية وغير ذلك, وفلسفة ذلك هو محاولة ربط نسيج الشعب وتقليل الفجوات بينهم دون تمييز, كما يتضمن عدة أمور من أمثلة, تقديم مساعدات مالية في الى الأفراد الأكثر احتياجا المجتمع, تقديم رعاية صحية جيدة لكل طبقات المجتمع, كفالة ً الأفراد الذين وُ لدوا في طبقات فقيرة بتقديم لهم تعليم فعال وعمل لائق
3- التوزيع العادل للموارد : تعني العدالة الاجتماعية التوزيع العادل للموارد والأعباء من خلال نظم الأجور والدعم والتحويلات ودعم الخدمات العامة, وبالذات الخدمات الصحية والتعليمية. وإصلاح هيكل الأجور والدخول يتم من خاله تحديد المستوى المعيشي للعاملين بأجر, ويعكس بصورة أو بأخرى توزيع القيمة المضافة المتحققة في العملية الإنتاجية بين أرباب العمل والعاملين لديهم. وإصلاح النظام الضريبي يتمثل فلسفته في توزيع الأعباء الضريبية على كافة شرائح المجتمع دون تمييز. وثمة عنصر مهم للغاية في تحقيق توزيع عادل للموارد ألا وهو الدعم السلعي لبعض المنتجات والخدمات وهو بالأساس موجه للفقراء باعتبار ذلك حقهم من موارد الدولة.
المعوقات التي تواجهها العدالة الاجتماعية: (3)
هناك العديد من الدراسات حول العدالة الاجتماعية وسبب عدم ظهور العدالة في بعض المجتمعات والتي يمكن أن تكون بسبب غياب الحرية والتعبير عن الرأي, وعدم المساواة بين الأفراد بحيث يختلف الدخل باختلاف العرق او الجنس أو عدة امور اخرى , ويمكن أن يكون بسبب التوزيع الغير العادل للموارد وعدم تكافؤ الفرص في العمل والتعليم والسياسة والاقتصاد وغيرها من الأمور الاجتماعية الأخرى, وغيرها من المعوقات التي تحول بينها وبين تحقيق العدالة الاجتماعية.
, يمكن القول أنه لكل تجربة خصوصيتها طبقا لخصوصية المجتمع واختلاف أولوياته إجمالاً. ً أي أنها كلها مرهونة بالإرادة السياسية, وحجم الموارد الاقتصادية في الدولة والسياسات الرشيدة التي تتبعها الحكومات, وهو ما يتبدى لنا من التجارب السابقة. فضلاً عن أن الفهم الحقيقي للعدالة الاجتماعية من حيث المعنى والفلسفة الحاكمة لها يساهم بشكل كبير في تضييق الفجوة بين نظرية العدالة الاجتماعية وبين واقع تطبيقها على المواطنين بالشكل الذي يسهم في تنفيذ سياساتها التي تحقق أهداف التنمية والقضاء على الفقر بمعناه الشامل وكذلك التهميش والإقصاء وغيرها من المشكلات الهيكلية التي تدمر المجتمعات الإنسانية.
المصادر
1 - https://www.un.org/ar/observances/social-justice-day
2 -https://democraticac.de/?p=59997
3 - https://www.idareact.org/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF% D8%A7%D9%84%D8%A9- %D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A 7%D8%B9%D9%8A%D8%A9/
اقرأ المزيد